شولتز.. التكنوقراطي شبيه الروبوت يقود ألمانيا لمرحلة جديدة
شولتز.. التكنوقراطي شبيه الروبوت يقود ألمانيا لمرحلة جديدة
تحتفل ألمانيا بعام ميلادي جديدة وقيادة سياسية جديدة وحكومة موحدة اتفقت فيها الأحزاب الألمانية الثلاثة أخيراً لتفسح هذه المجموعة السياسية المتباينة لاتفاق ائتلاف حكومي في ألمانيا يفسح الطريق لنهاية عصر أنجيلا ميركل رسميا وبداية عصر جديد ديمقراطي اشتراكي يحمل اسم المستشار الألماني المنتخب أولاف شولتز.
من هو أولاف شولتز؟
هو وزير المالية الألماني السابق في حكومة ميركل، البالغ من العمر 63 عاماً، الملقب باللامبالي أو “شولتزومات”، لكنه نجح في تجاوز صورة التكنوقراطي الشبيه بالروبوت وتوصل إلى اتفاق لحكم البلاد مع الخضر والديمقراطيين الأحرار.
وعد عمدة هامبورغ السابق، الناخبين بمواصلة النهج الحالي على الرغم من أنه مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنافس.
أكسبه تعامله البراغماتي مع أزمة كوفيد، الكثير من الثناء ونسب قبول عالية حيث أشرف شولتز على حزمة التمويل الطارئة البالغة قيمتها 884 مليار دولار، التي وضعتها الحكومة الفيدرالية لمساعدة الشركات والعمال الألمان في تجاوز تبعات الوباء بحسب BBC
قال شولتز: “هذا هو السلاح الفعال لإنجاز المهمة، نضع كل أسلحتنا على الطاولة لإظهار أننا أقوياء بما يكفي للتغلب على أي تحدٍ اقتصادي قد تشكله هذه الجائحة”.
كان شولتز من ترأس اجتماعات مجلس الوزراء عندما دخلت المستشارة ميركل في العزلة الذاتية كإجراء احترازي حينما تشككت في إصابتها بكورونا.
رغم كل المصاعب الناجمة عن أزمة كوفيد، نجح شولتز في إدارة مؤسسة الرعاية الاجتماعية التابعة للدولة الهائلة الحجم وكافح من أجل الحفاظ على التماسك الاجتماعي والبقاء مخلصاً لجذوره اليسارية.
قبل الإعلان عن ترشحه لمنصب المستشار، عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي، اعتاد القول، عندما كان يُسأل عما إذا كان سيرشح نفسه أم لا: “نحن بحاجة إلى العمل وليس إلى الانغماس في الغرور”.
أما منتقدوه، فهاجموه واتهموه بالفشل في فضيحتين ماليتين كبيرتين.
فرنسا وألمانيا
مع فرنسا، كان شولتز أيضاً المهندس الرئيسي لصندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من الوباء والبالغة قيمته 750 مليار يورو (843 مليار دولار).
وبينما تستعد ألمانيا لإنهاء حقبة أنجيلا ميركل من العلاقات الوثيقة مع فرنسا، فإن سجل شولتز في الحفاظ على التضامن الفرنسي-الألماني يعمل أيضاً لصالحه.
أشاد وزير المالية الفرنسي برونو لومير، ليس فقط بتضامنه مع فرنسا، ولكن أيضاً بشقيقه الطبيب جينس شولتز، الذي نقل جواً ستة مرضى فرنسيين مصابين بكوفيد كانوا في حالة حرجة إلى مستشفى مدينة كيل الألمانية. في مهمة باهظة الثمن ودفعت الحكومة الألمانية كلفتها.
قال لو مير: “شكراً لك يا أولاف، على كل ما فعلته بالفعل، وشكراً لأخيك أيضاً. فعائلة شولتز عائلة ألمانية رائعة”.
لكن في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يُنظر إلى أولاف شولتز على أنه محافظ.
ويشترك في قيادة الحزب ساسكيا إيسكن ونوربرت والتر بورجانس، وينتميان الى الجناح اليساري في الحزب.
نشأ شولتز -المتزوج من زميلته السياسية في الحزب الديمقراطي الاشتراكي بريتا أرنست- في هامبورغ، ودخل مجال السياسة كزعيم للشباب الاشتراكي، بعد أن درس قوانين العمل.
كان عمدة هامبورغ بين عامي 2011 إلى 2018، وخلال هذه الفترة باتت سياسته أقل راديكالية.
انتخب لأول مرة لعضوية البرلمان الاتحادي (البوندستاغ) في عام 1998.
وكان الناخبون يعلمون أن نائب المستشارة عمل جنباً إلى جنب وبنجاح مع أنجيلا ميركل، لذا نجح في التواصل مع الناخبين.
جرت الإشادة بأدائه في المناظرة على نطاق واسع باعتباره أكثر مدعاة للثقة، رغم أنه كان متوقعاً، وقد ساعده في ذلك أيضاً الحملة الباهتة لمنافسه لاشيت.
بدا أكثر ضعفاً عندما تم الضغط عليه بسبب تعامل إدارته مع فضيحتين ماليتين كبيرتين (Wire cardوthe cum-ex trading).
كان انهيار شركة الدفع الإلكتروني “وايركارد” أكبر فضيحة احتيال في ألمانيا الحديثة، وذكر تقرير هذا العام أن أولاف شولتز يتحمل المسؤولية عن فشل الرقابة على أنشطة الشركة.
ويتحمل المسؤولية عن عملية احتيال ضريبي هائلة جرت في مدينة هامبورغ لأنه كان عمدة المدينة عندما خسرت ألمانيا ملايين اليوروهات ومع ذلك لم تتسبب أي من هاتين القضيتين بضرر كبير.
وأشار المعلقون إلى أن الفضائح كانت معقدة للغاية لدرجة صعب على الناخبين إدراك كل أبعادها.
قبل ستة أيام من الانتخابات، ظهر شخصياً بشكل غير متوقع للإجابة على أسئلة النواب حول تحقيقات في عمليات غسل الأموال. وصفه أحد أعضاء البرلمان بأنه يفتقر إلى “السيطرة على شؤونه الخاصة”.
ألمانيا والعالم
لأي مدى ستتغير ألمانيا مع الحكومة الجديدة؟ وماذا تعني هذه الحكومة بالنسبة للعالم؟
البعض يتوقع استجابة متحفظة وصارمة من بعض الدول مثل روسيا والصين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الصين ومطالب العودة لنظام الدولتين في هونج كونج ومساندة تايوان وهو الموقف الذي يتماشى مع الاتحاد الأوربي لكن المحللين السياسيين يرون فيه خروجا عن حقبة ميركل.
فيما يتعلق بالدفاع تلتزم حكومة شولتز بزيادة الإنفاق على الرغم من عدم ذكر الناتو كجزء من الخطة، وقد خففت المخاوف في بعض الأوساط الدولية من أن حكومة شولتز قد تكون أقل التزاما باتفاقاتها النووية تجاه التحالف الغربي، وستبقى ألمانيا جزءا من اتفاقية المشاركة النووية للناتو وستواصل استضافة الأسلحة النووية الأمريكية واستبدال الطائرات الألمانية القديمة القادرة على حمل السلاح النووي.
يشك الكثيرون في أن إدارة شولتز من وجهة نظر واشنطن وباريس وطوكيو قد لا تكون مختلفة جوهريا بأي حال من الأحوال عن إدارة أنجيلا ميركل خاصة أن هناك آراء ترجح أن فوزه جاء لتشابه أسلوبه لحد كبير مع ميركل خاصة في ذلك الهدوء الحذر الذي توصف به سياسة ميركل، الأيام والتجربة وحدهما قادران على إثبات صحة التوقعات في قيادة شولتز لألمانيا ورؤية إلى أين تسير.